الاثنين، 16 مارس 2009

عند مفترق الطرق

فليختر كل منكما مصيره ؟
لقد اختارا بالفعل؟ اختارا ألا يقتلا ، اختارا ألا يعذبا ، اختارا أن يستمتعا بأموال المظلومين الذين قتلوا دون أن يكون لهم اختيار في أي شيء ، أوا عليهما الاختيار من جديد؟ اعتقد أنهم لو عاد بهما الزمن لاختارا نفس الاختيارات دون ادني تغيير ؟ سوي بعض التفاصيل الصغيرة التي قد تجعل الصورة أجمل و تبعد عنهم تلك الجلبة التي سببتها لهم الحادثة و تبعاتها ، عموما بالنسبة لهم فالموضوع قد انتهي بانتهاء القضية ، أما عن الاختيار الذي ورد في الرسالة فقد قررا بعد تفكير عميق أن الأمر لن يخرج عن شيء من الاثنين أن كل ما حدث لهما كان بفعل فاعل موتور منهما و لذلك لجأ إلي تلك الحيل لدفعهما إلي الجنون و من ثم الانتحار و خاصة أنهم في لندن المكان المفضل لانتحار المشاهير من مصر ، أو أن تكون تلك الشقة مسكونة بالفعل و أن هناك أشباح حقيقية تطاردهم ، و بما أنهما لن يجدا في لندن الشيخة باتعة لكي تطرد تلك الأشباح فمن الأفضل ترك الشقة لهم و الانتقال إلي الإقامة في مكان آخر .
هذا ما اتفقا عليه أما ما أضمراه في نفسيهما فهو شيء لا يعلمه إلا الله ، كما لم يعلما هما أيضا بنية الأشباح تجاههما و أنهم لن يتركوهم بتركهم للشقة لأنهما ببساطة قد تركا الرمز بينما هربا بخوفهما في داخلهما من مصيرهما المجهول .
-إيه يا عم المقدمة البوليسية دي ؟ أمال فين بلغني أيها الملك السعيد و الكلام الحلو دة ؟
- الكلام الحلو؟ ناس غرقت و أشباح بتطارد اللي عايشين و ثأر و خوف وهروب و أنت تقولي كلام حلو لما نبقي نخلص من العملية دي و بعدين نروق للكلام الحلو
-أمري لله كملي
- لأ لو مش عاجبك قوم بس خللي بالك أن كل ظالم ليه نهاية و أنت لازم تتعظ من محروس و انه أحسن تقع في نفس غلطتهم
قصدك غلاطتهم عموما كملي بس لازم انتي كمان تستفيدي من حكاية زوجات الحج متولي ما تخليش الحاجات دي تعدي عليكي يا شهرزاد يا حبيبتي
- آآ معقول الحاجات دي تعدي عليا برضه يا مولاي
- طب احكي احكي
- بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد
- احم مقنع أنا برضه
- أن محروس و ولده بعد انتقالهما إلي مسكنهما الجديد بعمارات ستيوارت تاور
- مش دي اللي ...........
- بس بقه خليها في سرك و سيبهم يواجهوا مصيرهم إحنا مالنا
- طيب ما علينا
- المهم أنهما ما أن دخلا شقتهما بالدور العاشر ..
- يي كده تبقي النهاية اتعرفت و من العاشر كمان ؟
- يا سيدي سيبني أكمل و لا تاخد أنت الميكروفون و تحكي ؟
- لأ احكي
- ما أن دخلا شقتهما حتى وجدا رسالة جديدة مكتوبة علي الجدار المواجه لباب الشقة أهلا بكما عند خط النهاية لقد اختار أحدكم مصيره وله الشكر أما الآخر فقد اخترنا له نحن المصير ، نظرا إلي بعضهما ولم يعرفا ماذا يقولان من منهما اختار مصيره و لم يخبر الآخر ؟ نظرات الشك في عيونهم و الرعب الذي تملكهم ، كانت آخر طريقهما إلي الجنون .
قضيا ليلتهما في تفكير عميق كل في غرفته ، بالطبع احدهما كان يعلم انه صاحب الاختيار و كان يفكر في طريقة التنفيذ بينما الآخر علم انه المحكوم عليه و لكنه لم يجد وسيلة للهرب من جديد ، فلتكن الليلة كما تكن يبدو أنها فعلا الليلة الأخيرة التي ستكشف عن كل الحقائق و تزيل كل الغموض ..فالي الليلة الأخيرة
و هنا أدركت شهرزاد ساعة المرواح فسكتت عن الكلام المباح

الأربعاء، 14 يناير 2009

(الليلة الثامنة) محكمة العالم السفلي




- أخيرا القضية أتحكم فيها
- و الله أخبارك بايتة قوي يا حبيبتي القضية أتحكم فيها من زمان و أنت نايم علي ودانك يا قمر
- لأ يا حبيبي القضية لسه محكوم فيها حالا بس في محكمة تانية غير اللي أنت تعرفها و الحكم هايتنفذ خلال الأيام القليلة القادمة
- و الله لأ الحقيقة أن ما اعرفش أن القضية اتنقلت لمحكمة تانية
- القضية يا حبيبي كانت بتنظر في المحكمتين في نفس ذات الوقت بس المحكمة العليا كانت دورها رقابي لحد لما تشوف المحكمة السفلي هاتعمل إيه و لما المحكمة السفلي ما عرفتش تتصرف اضطرت المحكمة العليا للتدخل و إصدار حكمها الذي لا رجعة فيه
- آه و هي فين بأه المحكمة العليا دي في سويسرا و لا فين ؟
- لأ دي في العالم السفلي
- أوباااااااااااااااا كدة دخلنا في دور السرايا كملي يا حبيبتي أنا عارف أن النوبة مش هاتنتهي إلا لما تفضفضي وتقولي اللي عند احكي يا شهر زاد:
- أوك بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد أن محروس ......
- استني يا ست شهر زاد قبل ما تبدأي عشان أنا دماغي اتبرجلت انتي قلتي أن المحكمة العليا موجودة في العالم السفلي صح؟
- آه صح
- تبقي هي المحكمة السفلي مش العليا يا فالحة
- دايما اقولك يا حبيبي ما تخدش بالمظاهر أنت فاكر أن الناس اللي ساكنين في العالم السفلي ناس كلهم دون المستوي ، لأ طبعا دول فيهم ناس يقدروا علي حاجات كتير غيرهم ما يقدرش عليها ، و أهم ميزة عندهم إنهم دايما بيصدروا أحكامهم و ينفذوها فورا ، و يفاجئوا الناس بيها ، أصل عنصر المفاجأة دة حاجة مهمة قوي في إستراتيجيتهم .
- يا سلام سلم يا سلام سلم دي النوبة المرة دي شديدة قوي
- براحتك يا حبيبي أنا هاقوم أشوف اللي ورايا أحسن بدل ما اقعد اسمع الكلام دة
- لأ استني استني أنا عارف انك خيالك واااااااااااااااسع حبتين بس بقيت أحب اسمع تخا.... اقصد حكاياتك الجميلة احكي يا شهر زاد
- ماشي و لو انك برضه ما اعتذرتش بس أنا عاملة حساب القراء الغلابة اللي زهقوا من الانتظار و إحنا قاعدين نتخانق ، عشان كدة هاقول بلغني أيها القارئ الأصيل ذو البال الطويل أن محروس بعد إخماد الحريق عاودته الحالة السابقة من الأرق و الكوابيس فلم يستطع النوم تلك الليلة و لا الليالي التالية و ما زاد الأمر سوءا أن صفوان بدأت تنتابه نفس الحالة فأخذ يستيقظ صارخا كلما رأي في منامه صورة أحد ضحايا العبارة و هو يحاول قتله ، و قد تعددت في أحلامه الأساليب التي قتل بها من حرق إلي إغراق إلي شنق إلي ذبح إلي سم إلي رمي بالرصاص إلي ..........
- كفاية هو انتي إيه حرام عليكي إلي إلي إلي خلاص تعددت و خلاص
- لو سمحت أنا باكلم القراء مش باكلمك انت إلي "وأد "
- "وأد"؟ أما انتي عليكي كلام جبتيها منين وأد دي
- ما ليكش دعوة إلي ..
- يا ستي كملي أبوس ايدك خلاص القراء عرفوا كل طرق القتل
- أوك ما تزعلش نفسك بس عموما تحولت حالته هو الآخر إلي ما يشبه الجنون فأصبح لا يطيق النوم و لا يتحمل اليقظة .
- عين و صابتهم هما الاتنين
- لأ مش عين واحدة دي بقت ألاف العيون التي لاحظوا أنها تراقبهم في الظلام بلا انقطاع ، تصور محروس في البداية انه يراها وحده ، تصور أنها هلاوس من الأرق و قلة نوم و لكنه عندما اخبر ولده أكد له انه يراها هو الأخر ، صار الوضع غير محتمل أصبح الاثنين حبيسا مسكنهما الذي صار أطلالا من يوم الحريق حيث لم يقوي أي منهما علي تجديده ، أصبحا كشخصين مصابين بمرض معدي يخافا أن يراهما الناس ، و انتابهما شعور أنهما سيظلا منبوذين إلي الأبد ، هنا كان الحكم قد صدر من المحكمة العليا بانتهاء الجزء الأول من العقوبة و الدخول في الجزء الثاني ، وكان ذلك عن طريق رسالة جديدة وجدها محروس في يد ولده الذي أصابه الوجوم و زاغت عينها حين قرأ محتواها و لم يأت بأي رد فعل أخر فقد بلغ الوهن منه مبلغه فأصبح لا يقوي حتى علي التعبير عن مشاعره أو إبداء أي رد فعل
- شهرزاد
- عارفة هاتقول إيه الرسالة كان مكتوب فيها
"فليختر كل منكما مصيره قبل فجر الغد، أو فلتنتظرا ما لن تطيقاه"


و هنا أدرك شهرزاد ساعة المرواح فسكتت عن كلام الأشباح

الخميس، 4 ديسمبر 2008

(الليلة السابعة) شهرزاد تعود


بعد ان مرت ليالي كتييييير قوي علي شهرزاد و هي في بيت أهلها تتابع احداث الدنيا و تنتظر رضاء شهريار عنها ، و بعد طول انتظار من جانبها جاءها شهريار اخيرا فوجدها حزينة مهمومة و قد ظن السبب في البداية يرجع لبعده عنها و اشتياقها له ، و لكن غروره الذي خدعة انكسر فور معرفته بالسبب الاصلي حين قالت له شهرزاد:

- مولاي اشتقت اليك كثيرا

- أعرف يا شهرزاد كم أثر فيك بعدي عنك، و ان لم تتكلمي فوجهك ينطق بما يحمله صدرك

- ايه يا عم الكلام الكبيردة ، انت اه وحشتيني بس الاهم من كدة، اني كنت عايزة احكيلك اللي حصل انا كنت مخنوقة و متضايقة مش لاقياك علشان اشكيلك همي

- حصل ايه يا حبيبتي قولي

- محروس ماله ضايقك في حاجة ؟اوعي يكون قل ادبه عليكي؟

- محروس مين اللي قل ادبه عليا ؟ يا حبيبي ركز

-محروس مين ؟ انا مش فاكر

- محروس اللي قل ادبه علي الناس كلها مش أنا بس و في الأخر طلع من كل القضايا زي الشعرة من العجين

- اه فلت ابن الايه

- لا يا مولاي هو دة اللي انا كمان كنت فاكراه لكن طلعت الحقيقة شيء تاني خالص

- بجد ؟ ليه هو حصل ايه تاني انا ما اعرفهوش؟

- هو برضه ينفع نحكي هنا مش نروح قصرنا و نحكي فيه و لا انت عاجبك قاعدتي عند اهلي دي ؟

- لأ يا حبيبتي امال انا جاي ليه ؟ انا برضه حسيت ان محروس وحشني أأأ....أقصد انتي و المحروس ابني وحشتوني عشان كدة جيت لكم

- المحروس ابنك فشر أعوذ بالله من أن يكون ابننا كمحروس المهم يالا بينا عشان نكمل كلامنا في البيت

و هنا خرجت شهرزاد من بيت أهلها بسلام لتكمل لشهريار حكاية محروس حتي الختام......

الأربعاء، 10 سبتمبر 2008

الليلة السادسة



كيف نطفئ النار
· قبل ما تقولي كنتي فين و أقولك إني مزنوقة في الشارع من تاني يوم رمضان بسبب جنازة مسئول كبير و ندخل في كلام مالهوش لازمة خلينا نبدأ الحكاية
· هي بلطجة يعني مافيش حاجة اسمها خلينا نبدأ الحكاية كده من عندك .. بمزاجي أنا ،براحتي أنا أنا أنا أنا
· اوك خلينا نبدأ الحكاية براحتك أنت
· اوك ؟ انتي بتاخديني علي قد عقلي و لا إيه
· شهرزاد هامسة لنفسها : يوووة صايم بأة و ما فيش سجاير و هيدوخني معاه
· يا مولاي عقلك كبير لا استطيع حتى مجاراته أنا الضعيفة محدودة القدرات ، و ليس لي رغبة إلا أن اسلي وقت مليكي
· طيب احكي
· أما رجاله ..العيال اعقل منهم
· بتقولي حاجة
· باقول مولاي سيد الرجالة
· طيب خشي في الموضوع بأة كفاية لت و عجن:
"بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد أن هذه المدونة كانت ملكي حتى قمت بدعوتك لها فأصبح كل ما فيها تحت سيطرتك حتى القراء لا حول و لا قوة إلا بالله "
· إيه يا بنتي فين محروس في الكلام دة ؟
· آه ما هو كمان في المدونة ، يعني تقدر تعمل فيه اللي أنت عايزة
· أنا اللي يحكمني عليه كنت قتلته هو وأمثاله ممن يستهينون بالغلابة ويقتلون أحلام الأبرياء
· اللي يحكمك ؟ و أنت هاتقعد تستني لما حد يحكمك ؟ تبقي خربت مالطة و ما حدش هايتحرك ،عموما محروس موجود و هاحكيلك عنه
اسمع يا سيدي: "بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد انه لو جمعنا كل رجال العالم ليصبحوا رجلا واحد و كل أشجار العالم لتصبح شجرة واحدة و كل فئوس العالم ليبحوا فأسا واحدا وكل بحار العالم ليصبحوا بحرا واحدا و قام الرجل العملاق الواحد بضرب الشجرة الكبيرة الواحدة بالفأس الكبير الواحد لصنع ذلك موجة عملاقة واحدة هاتغرقنا كلنا "
· فعلا : هي دي الحكاية بتاعة محروس ؟ قومي يا شهر زاد، قومي من قدامي روحي عند الست والدتك أنا مش عايز حاجة منك خلاص
· في إيه ما أنا باحكي اهة بس في دماغي مواضيع كتير دخلت في بعضها و مش عارفة ابدأ منين
اسمع يا سيدي: "بلغني "
· خلااااص انطقي علي طول مش عايز مقدمات
ماشي بص يا سيدي" بعد أن قامت قوات الأمن بإطفاء الحريق , وبعد ما رأي محروس خلاله من أشباح داخل النار حاولت استمالته إلي جانبها و دعوته للدخول وسط النيران و بعد إنقاذه في اللحظة المناسبة من الحالة التي أصابته ، تذكر صفوان الرسالة المطوية التي تعجب من شكلها و بقائها سليمة رغم الحريق المروع الذي كان يملأ كل الأرجاء فأخرجها من جيبه ليري ما هي و قد قرأها سريعا لقلة سطورها و لكنه لم يفهم ما تعنيه ، فتوجه إلي غرفة والده الذي كان جالسا علي أرضيتها وسط الرماد ليسأله إن كانت تلك الرسالة تخصه فقراها والده وأكد لولده أنها لا تخصه و أن هذا ليس خطه أيضا ، جلس صفوان إلي جانب والده يعيدان قراءة الرسالة ويحاولان ترتيب أفكارهما ،ماذا يعني ذلك :رسالة تحيطها النيران من كل جانب فلا تحترق ، وأشباح تنادي محروس من داخل النيران ، و حريق يشب دون مبرر ما هذا الذي يحدث ؟ "
· "أاا شهرزاد عايز أسألك سؤال ؟"
· اتفضل يا مولاي
· هي الرسالة كان مكتوب فيها إيه؟ انتي مش ملاحظة انك ماقولتليش لحد دلوقتي ؟
· دايما مستعجل ، الرسالة كان مكتوب فيها "لن تستطيع مياه البحار كافة إطفاء الحريق الكبير"
· بجد ؟ بس كدة؟
· آه
· حتى لو الراجل الكبير الواحد ضرب الشجرة الكبيرة الواحدة بالفأس الكبير الواحد وعمل موجة عملاقة واحدة ؟
· مش عارفة ما هو دة اللي أنا عمالة أفكر فيه من ساعتها
· قومي من قدامي علي بيتك اهلك أنا قلت كدة من الأول بس صعبتي عليا امشي امشي أنا اللي غلطان إني سيبتك تحكي"
وهنا اضطرت شهرزاد للمرواح فسكتت عن الكلام حتى الصباح

الثلاثاء، 26 أغسطس 2008

الليلة الخامسة


أشباح في النار
· انتي يا ست شهر زاد
· انتي ياللي نايمة علي ودانك ، شكلك ضربتي حبيتين من بتوع محروس و نمتي زيه ، يا ستي اصحي
· إيه بس يا شهريار يا حبيبي ؟ بتصحيني ليه ؟
· باصحيكي ليه انتي بقالك أسبوع نايمة يا حبيبتي
· هو محروس كل دة نايم هو كمان؟
· يا سيدي ما تسيبه ينام ،مسكين بقاله كتير ما نامش
· و انتي إيه أخبارك ؟
· أخبار إيه يا حبيبي ؟
· يعني النوم دة كله إيه، بقالك كتير انتي كمان ما نمتيش؟
· لأ يا حبيبي ،و يا ريت كفاية استهزاء بيا و بأعمالي
· أنا كل دة نايمة عشان أجيبلك أخبار محروس وأنت تسخر من مجهودي كدة
· بتجيبيلي أخباره من المنام
· آه يا حبيبي مش هو نايم يبقي إيه وسيلة الاتصال بيه و الوصول ليه غير كدة
· آه طب و وصلتي لاية
· هاحكيلك يا سيدي و لو انك صحتني في حتة مهمة ربنا يستر و اقدر أجيبلك تفاصيلها بعد كدة
· اتفضلي احكي كلي آذان صاغية
بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد أن محروس قد راح في ثبات عميق لمدة لا بأس بها دون أن يحلم انه غريق ، و صحا من نومه في مساء اليوم التالي و لكن للأسف علي مشهد الحريق :
- "حريق ...حريق ، النار ...الفراش ،النار وصل للفراش "
"المركب بتولع يا قبطان ...المركب غرقت يا قبطان "
ثم انه أفاق "المركب غرقت ؟أمال فين المية ...الميه ما طفتش النار ليه "
و قام محروس من نومه مفزوعا و هو يعتقد أن الكوابيس عاودته من جديد بعد تلك الفترة الوجيزة من الراحة ،و لكنها لم تكن احدي كوابيسه المليئة بمياه البحر وحوادث الغرق ،بل كانت شقته الفاخرة تحترق بالفعل ، و قد شبت النيران في كل مكان فيها ،وان كان قد بدا أنها بدأت بغرفة نومه
قام محروس من فراشه مسرعا باحثا عن ولده صفوان وسط النيران "ولدي صفوان ...أين أنت؟ "
و من وراء السنة اللهب و الدخان سمع صوت صفوان "بابا ..بابا أنت فين؟ إيه اللي بيحصل و لماذا لم تعمل أجهزة الأمان ؟"
و مع ازدياد النيران و تعطل أجهزة الأمان اضطر محروس وولده إلي الهروب من شقتهما و طلب المساعدة من امن البناية للاتصال بأجهزة الشرطة و الإطفاء
"آه يا حرام .. لقد أصبحت الكوارث تلاحق محروس كل يوم، هو ما فيش غيره و لا إيه؟"
لا يامولاي دة فيه غيره و غيره و الكوارث كتير و الحمد لله ، ما تستعجلش أنت بس و أنا هاحكيلك عنهم كلهم"
"المهم كيف انتهي الحريق ؟ و ماذا فعل محروس و ابنه بعد ذلك ؟"
"برضه مستعجل، مازال الحريق مستمرا ،و تقوم الأجهزة المختصة بمحاولة إخماده و لكن ليس هذا هو الشيء الهام ، المهم فعلا في كل هذا هو الحالة التي انتابت محروس الذي وقف يتابع رجال الإطفاء و هو يتحسر علي محتويات الشقة التي أتت عليها النار بالكامل ،فقد شعر بطنين مدوي في أذنيه و معه آلاف الصرخات و كأنها آتية من أعماق الجحيم ، و مع أصوات الصراخ رأي وسط اللهب ذلك الرجل المسن و قد اضطرمت النيران فيه كان يصرخ و يمد يده لمحروس طالبا منه العون ، و محروس غير مدرك لما يحدث ، و في ركن آخر من الحريق المستعر رأي محروس تلك الأم التي تحاول أن تبعد النيران عن أطفالها و تنادي عليه ليلقفهم من بين يديها و يبعدهم عن النيران ، اناس كثيرين وسط النار و كلهم يطلبون العون من محروس "
فجأة يري صفوان أباه و هو يتقدم من النيران صارخا " أنا قادم سأنقذكم تعالوا..هلموا" حاول صفوان إثناءه و لكنه كان مصمما علي التقدم ، الغريب أن صفوان شعر انه مكبلا لا يستطيع الحركة لإنقاذ أبيه و الأغرب انه تخيل للحظة انه رأي لهبا من النار و قد تجسد في صوره أدمية تمد يدها أو لنقل احد أطرافها لتجذب محروس إليها ، و أخيرا و بعد لحظات من الجمود قام رجال الإطفاء بإخراج محروس من وسط النيران حيا
" يا لهذا الأب المتعب من ساعة ما المشكلة دي حصلت و صفوان مش عارف يستريح من عمايل أبوه"
"يا مولاي كل أول له أخر فلا تكن متعجلا كصفوان فمازال هناك المزيد من المفاجآت في تلك القضية ،و اول تلك المفاجآت هي تلك الرسالة المطوية التي وجدها صفوان بعد أن خمدت النيران ، و رغم أنها رسالة ورقية إلا أنها كانت سليمة تماما لم تمسسها النيران و لم يصل إليها نقطة مياه واحدة من المستخدمة في إطفائها"
و هنا أدركت شهرزاد ساعة المرواح فسكتت عن الكلام المباح
"بايخة هاتفضلي معلقاني كدة لحد الحلقة الجاية و تروحي تنامي تاني ، يالله نوم الظالم عبادة"
"علي رأيك يا مولاي نوم الظالم عبادة بس هو يعرف ينام ، تصبح علي خير"

الثلاثاء، 5 أغسطس 2008

الليلة الرابعة



في عاصمة الضباب
و لما كانت الليلة الرابعة و التي تأخرت عن موعدها عدة أيام لم يتخذ شهريار الملك مجلسه بل ذهب يبحث عن شهرزاد التي لم تأتي كي تؤانسه ، و قابلها بالفعل في ردهة القصر (اللي هو أودتين و صالة أصلا) فبادرها قائلا:
"شهرزاد أين كنت لقد تأخرت علي كثيرا، أنتي عارفة لو كنت شهرزاد بجد كان جرالك إيه؟كان زمانك مذبوحة و راسك معلقة علي باب زويلة"
- "مذبوحة ؟يا لهوي...تقصد إيه يا مولاي ؟أنت صدقت نفسك و لا إيه؟ عموما اعذرني فقد تأخرت عليك لأنني اضطررت أن أطير إلي عاصمة الضباب لأتفقد أحوال البريء الهارب وأحضر لك الأخبار التي تنتظرها ، وبعدين هو في حد دلوقتي بيتقتل عشان ما عملش اللي ليه يا عم خليها علي الله ، أنت هاتفشر"
- "طرتي؟ طيب أنت بقيتي كده آخر "جمال" ،قولي لي بأة لما طرتي ورحتي هناك شفتي ايه يا ست العصفورة؟"
-" رغم إن دي مش لغة ملوك خالص لكن هاحكي و أمري لله"
بلغني أيها الملك السعيد ذو البأس الشديد أن السيد محروس الذي تركناه في المرة الأخيرة و قد فارق النوم عينيه وزاد قلق ابنه عليه من تكرار الكابوس المزعج طوال هذه المدة قد قرر أن يذهب أخيرا للطبيب ليستشيره في حالته المزمنة و يطلب عونه في التخلص من ذلك الكابوس بأي طريقة ممكنة، و قد أكد صفوان للطبيب أنهم علي استعداد لتحمل العلاج مهما كانت تكاليفه ،حتى و إن اضطر إلي أن يصطحب والده للعلاج بالخارج (علي نفقة الدولة) المهم أن يجد والده سبيلا للنوم الهنيء من جديد"
- "العلاج بالخارج؟ و علي نفقة الدولة ؟ أنا حاسس انك خرفتي قوي يا شهرورتي ، هما مش أصلا في الخارج؟و بعدين ايه علي نفقة الدولة دة كمان"
- "يا مولاي ! بس ليه ما بتصدقنيش من امتي كانت أمور الحياة ماشية بالعقل دة المفروض لو قلتلك الكلام العاقل تشك في قواي العقلية مش العكس، علي العموم أنا ما باجبش حاجة من عندي ده الكلام اللي قاله صفوان للدكتور،يمكن مش معاه فلوس يعالج باباه يبقي يعمل ايه بأه يسيب الراجل عيان يا ولداه و لا البلد بأه تتحمل مسئولياتها شوية و تعالج ولادها (التعبانين)؟"
- أنا حاسس إني فوتلك كتير قوي النهاردة خلصي بأه عشان اعتقد إني علي آخر الليالي أنا اللي هابقي عايز علاج علي نفقة الدولة؟"
-"ابقي قابلني"
- "نعم ؟"
-" لأ ما أقصدش ، أنا قاصدي ربنا يبعد الشر عنك يا حبيبي"
-"أكملي إذن"
- المهم طلع الدكتور فعلا دكتور شاطر جدا و في ثواني كان قد تفهم الحالة و استوعبها جيدا رغم تعقيدها ،ووصف لمحروس الدواء المظبوط لحالته و لأول مرة منذ حوالي العامين و نصف العام ينام محروس ملئ جفونه بدون أحلام ، شفت بأة العلاج بالخارج مفيد ازاي "
- "لأ دة مش عشان بالخارج دة عشان علي نفقة الدولة، فهمتي؟"
-"أاااااااااااااااااة ، يالرجاحة عقلك يا مولاي"
و هنا أدركت شهرزاد ساعة المرواح فسكتت عن الكلام الغير مباح

الأربعاء، 30 يوليو 2008

الليلة الثالثة


بلا ملح أو سكر

تلك الليلة ما أن بدأت شهرزاد بالكلام حتى عاجلها شهريار بسؤال هام:
- "هذا ما كان من أمر محروس مع الأحلام، فماذا عن الطفل الهمام؟ الذي استمر في زيارة غريمه كل ليلة في المنام، احكي لي عن حاله بعد أن رحل عنه كل أهله و تركوه- رغما عنهم – يكابد مرارة الأيام"
- شهرزاد: "و أي مرارة يا مولاي و قد منع و هو ابن الستة أعوام من تناول أي طعام يحوي ملحا أو سكر، كأنه كان ينقصه أن يضيف الزمن مرارة فوق مرارة لحياته"
- شهريار:"لماذا يمنع من تناول الملح و السكر؟ هل كان مريضا بمرض يمنعه من تناول هذين الصنفين؟"
- شهرزاد: "إن كان علي المرض فقد أصاب المرض نفسه فأصبح لا يطيق رؤية الماء ، فقد تولدت لديه رهبة شديدة منه فكان يصاب بالغثيان و الإغماء كلما رأي أي مسطح مائي و كأنه يتصور أن الماء سيأخذ منه باقي عائلته و يزيد من حرمانه و ألمه"
- شهريار:"فليعينه الله علي ما أصابه، و لكن أكملي ما موضوع الملح و السكر إذن"
- شهرزاد:"الم تعلم أن فارس - الطفل الصغير- من أبناء احدي قري الصعيد؟و أن من عادة هؤلاء القوم إذا ما قتل احد أفراد عائلتهم منع الملح و السكر حتى يأخذوا بثأرهم من القاتل؟"
- شهريار:"لا حوا ولا قوة إلا بالله و ما ذنب ذلك الصغير أن يمنع من تذوق طعم الدنيا بعد ما لقي فيها من مآسي؟"
- شهرزاد"عموما لم يكن فارس يرغب في تذوق أي طعام له طعم مالح فقد أصابته عقدة منه كعقدة الماء لأن المسكين ظل يوم كامل في الماء متشبثا بطوق النجاة و لا احد من حوله و لا طعم في فمه غير طعم الماء المالح،و لكن منع السكر هو ما كان يضيره حقا ، و قد وعدته جدته لأبيه أنها سوف تسمح له بتناول السكريات فور الحكم في القضية المشهورة فظل ينتظر ذلك اليوم بفارغ الصبر"
- شهريار"و قد جاء اليوم بالفعل فهل تحققت أمنيته و نال ما كان يحلم به من الحلوى؟"
- شهرزاد"بالطبع لا ! و كيف و قد حكم في القضية - علي عكس ما توقع الجميع- ببراءة محروس و باقي المتهمين، فأين القصاص التي انتظرته الأم الثكلى و الابن اليتيم كي تحلو بعده الأيام و تبرد النيران؟"
- شهريار:"حقا يا لها من فاجعة"
- شهرزاد :"تصور أن يحصل محروس الهارب علي البراءة و يستمر حرمان ذلك الطفل من أدني متع الحياة، فهل هناك مهزلة أكثر من ذلك،عموما لقد وعدته جدته بالسماح له بتناول الحلوى فور النطق بالحكم في الاستئناف المقدم في القضية ، بس ربنا يستر و يصدق الوعد هذه المرة حتى يتحقق حلم ذلك اليتيم المسكين الذي ظل يتكرر معه كل ليلة منذ وقوع الحادث و انتشاله من الماء"
- شهريار:"حلم؟ وهل لفارس أيضا حلم كحلم محروس"
- شهرزاد:"بل هناك فرق كبير يا مولاي فلفارس حلم بينما لمحروس كابوس،و حلم فارس لا علاقة له بمحروس نهائيا ،فهو فقط يحلم بأخته مني الغارقة رحمها الله و قد خرجت من الماء و في يدها حقيبة كبيرة مملوءة بالحلوى يجلسان معا هو و شقيقته فوق جبل مرتفع كثيرا بعيدا عن صفحة الماء المخادعة تلك ليتناولا ما بها من حلوي و هما سعيدان يضحكان من كل قلبهما و يتواثبان معا ، هكذا كان حلم فارس بسيط صغير و لا علاقة له بمحروس إلا أن القدر ربط مصيره و سعادته المقبلة بمحروس الذي منعه من تناول الحلوى ،فهل سيتناولها يوما ما ؟"
- شهريار:" ومن يجيب علي هذا التساؤل غيرك سيدتي"
- شهرزاد:"الأيام القادمة هي من سيجيب عن هذا التساؤل يا مولاي،و لننم الليلة و نحلم كفارس بتحقيق حلمه البسيط"
و هنا أدركت شهرزاد ساعة المرواح فسكتت عن حوار الأتراح.